لا شيءَ في الورق


وقفت حين شعرتُ بأرضي غريبة
ثم تابعتُ المسير بين الأشواك
لا أرى غير الأشواقَ تبكي
محصورة بين الأسلاك
بالدموع تشكي صبرا
دُفن تحت الغبار
تتأمل بالقلب فجرا
قد طال عنه السّتار
تابعتُ المسير تحت مَطر النسيان
أجول..لا أسمع سوى الهذيان
لا رجاء و لا دواء
يواسي أفواه النداء
تصرخ من هول الضّباع
ما تركتْ سوى الجياع
عظامٌ هنا و هنا
والباقي نهمه الضَّياع
تابعتُ المسير.. وابتعدتُ
من رائحةِ العدمْ
و قصدتُ طريق الأديم
بين أوحال الألمْ
قائمةٌ كالقبور
شامخةٌ كالهِمم
تحجِزُ طيورَ العبور
بجدار الهرمْ
تابعت المسير ليلاً
وَجلٌ من عُواء الذئاب
تترقّبني بضوء عُيونها
توهمني بالعقابْ
تضيءُ ليَ الطريق
بِجانب القمر
و صراخٌ من بعيد
يرقصُ مع السهر
يصنع الّليل الجميلَ
و يُجمّل السّمر
حَسِبته صراخ طفلٍ
من أولئك البشر
لكن الطفلَ صار كهلا
و حُلمه اندثرْ
لم التفتُّ..و تابعتُ المَسير
و لم أحتفظ قطُّ بذكرى الأخيرة
فإن الذكرى العسيرة
تنسيك لَهيب الجمَرْ
جلستُ على صخرة قريبة
جلستْ عليها سُنون طويلة
تحدثتْ عن ماضٍ مجيد
صنعَتهُ للبشر
في بلادٍ بعيدٍ
ينعدمُ فيه الحجر
فرقدتْ ها هنا كئيبة
كما أراد لها القدرْ
بكيتُ أنا و عصفورٌ
طار بين الشجرْ
لعلّه بالحنين جاءَ
يقتفي بعض الخبرْ
فانصرفتُ بهدوءٍ
لم أحس بالمَطر
فقد بَلّ ثِيابي
و قليلٌ من الورق
و عدتُ أدراجي
لا شيءَ في الورقْ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قائمة المدونات الإلكترونية