الخميس، 26 يناير 2017

الجنسية لاجئ



من إنجازات العالم المتقدم في القرن الواحد والعشرون ارتفاع عدد اللاجئين عبر العالم بشكل مهول، ورغم أن عالمنا هذا يسير بخطى ثابتة نحو ما أسماه الحضارة الإنسانية إلا أنه وفي نفس الآن يعرف تراجعا خطيرا في ترسيخ حقوق الإنسان ونشر مبادئ السلم والأمان في أرجاء المعمورة، فكثرت بؤر التوتر واحتدم فتيل النزاعات المسلحة بسبب وبدون سبب، وهذا ما أدى كنتيجة حتمية إلى توافد أعداد ضخمة من اللاجئين الفارين من مناطق الصراع إلى أخرى أكثر هدوء وأمان، لا يرغبون سوى في البقاء على قيد الحياة والنجاة بأنفسهم خصوصا وأن الموت والدمار يطاردهم بدون ذنب ارتكبوه.
إنها معادلة الواقع المعاش البالغة التعقيد، ففي الوقت الذي يتباهى فيه العالم المتحضر بمستوى حقوق الإنسان ومدى تمتع بعض مناطق العالم خاصة بامتيازات مثالية وظروف عيش استثنائية وتجارب ديمقراطية فريدة من نوعها، نجد في المقابل نماذجا موثقة لمعاناة بعض الشعوب ومكابدتها الفقر والاستغلال والتهميش، وشهادات حية لأولئك الذين يقاسون ظروفا إنسانية صعبة في ملاجئ ومراكز قاسية تفتقر لأدنى متطلبات العيش الكريم. يخلف هذا الواقع المتخبط حالة من اختلال التوازن وتوسيع للهوة أكثر فأكثر بين دول الشمال والجنوب حيث تستمر أكذوبة 'العالم المتحضر' في لعب لعبتها الماكرة وتقمص دور المثالية من أجل تحقيق مصالحها وأهدافها الميكيافلية، وأصبح اللاجئون اليوم عالة على العالم تتقاذفهم الحدود مثلما تفعل الأمواج العاتية بزوارق الموت، شاء القدر أن يحملوا على عاتقهم جنسيات غريبة لا تعكس انتماءهم وأصولهم الحقيقية، فظهر ما يسمى ب'جنسية لاجئ' في تجاوز صارخ لحق كل مواطن في الانتماء لوطن ثابت عاش وترعرع فيه هو وعائلته تمتد منه أصوله وتترسخ فيه فروعه، بل وشارك مجموعة من الرياضيين مؤخرا في أولمبياد "ريو" تحت راية اللاجئين الدوليين، وكان هذا الظهور بمثابة صفعة قوية لمروجي مزحة العالم المتحضر الذي يتباهى بتنظيم محفل دولي أسطوري تجتمع فيه كل أمم الأرض دون أن ينجح على الأقل في كبح جماح حروب طاحنة فرقت ألوفا من البشر إن لم يكن طبعا هو المتهم الرئيسي في نشوبها.
إن مشكلة اللاجئين وصمة عار على جبين الإنسانية، واستفحالها بهذه الدرجة المخيفة يكشف النقاب عن وجه من أوجه الإنسان المتوحش المخيف المندفع بشراسة نحو أطماعه اللامنتهية. 

السبت، 7 يناير 2017

الأساتذة المهندسون ... إلى أين ؟


ما زال يعاني ملف الأساتذة الحاملين لدبلوم مهندس دولة من تعنت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني وإصرارها على فرض حالة من وقف التنفيذ لمطالب هذه الفئة من الأطر المغربية فيما يخص الترقي في السلالم الإدارية وتغيير الإطار استنادا إلى الشواهد العليا وذلك أسوة بباقي الأطر داخل الإدارات العمومية
.
ولا يخفى على أحد ما تمتاز به هذه الشريحة المقصية من معارف عميقة ودراية كبيرة بتخصصاتهم العلمية والتقنية، بحيث يشكلون دعامة أساسية وإضافة نوعية لمنظومة التربية والتكوين ببلادنا خصوصا وأن حاجة المغرب باتت ماسة لمثل هذه الطاقات المنتجة والكفاءات المشهود لها بالعمل والمثابرة والتفاني في العطاء، وعلى هذا الأساس يجب تهيئة الظروف الملائمة لأداء مهمتهم على أكمل وجه من أجل رسم آفاق أوسع للتعليم والدفع بعجلة إصلاحه نحو الأمام، فالأحرى بالوزارة المعنية أن تلتفت بشكل جدي لملف الأساتذة المهندسين وأن لا تزج بهم في براثن الإهمال والنسيان كما  فعلت وتفعل مع الأطر التربوية مرارا وتكرارا، وعليها أن لا تتأخر أبدا في تحقيق مطالبهم العادلة دون الخوض في متاهات الجدالات العقيمة والنقاشات الطويلة دون جدوى، فتعمق بذلك من أزمة منظومة التعليم ببلادنا أكثر مما هي عليه اليوم.
إن الأستاذ عماد المستقبل، وكبرياء المجتمع، وركيزة أساسية من ركائز المدرسة المغربية، فقد حان الوقت لإعادة الاعتبار إليه والتعامل معه كثروة حيوية معطاءة وليس كمشروع من المشاريع القابلة للربح والخسارة، إن التعليم ببلادنا في حاجة إلى مقاربة جذرية تعيد النظر في مكامن الخلل ونقاط الضعف بجرأة ومهنية، وتفتح الحوار مع الغيورين على الميدان والمستعدين للتضحية في سبيله بعيدا عن المزايدات السياسية والمصالح الفردية، فالتعليم مثل آلة للإنتاج تحتاج دائما إلى ضخ دماء جديدة ومهارات فريدة تفرضها مستجدات العصر وتبعات العولمة حتى تقدم الأفضل ويكون منتوجها موازيا لمعايير التقدم والرقي.

قائمة المدونات الإلكترونية