الاثنين، 13 مارس 2017

سوريا.. مات الثوار الحقيقيون وبقي تجار المصالح




أين وصلت الثورة السورية هل حققت مبتغاها؟ أين هم الذين رفعوا شعار لا في وجه الظلم والاستبداد؟ أين جحافل السوريين الذين كانوا يبيتون في العراء ويصلون ليلهم بنهارهم رافضين لسياسات بشار ونظامه الجائر؟ أين المظاهرات السلمية المنظمة التي كانت تتناقلها القنوات العربية والعالمية على مدار الساعة مع بدايات الثورة السورية؟ أين الجماهير العربية من كل بقاع العالم التي كانت تملأ الشوارع بالأعلام السورية والشعارات والمسيرات المليونية مساندة لخيار الشعب السوري في الحرية والديمقراطية؟
أين كل هؤلاء؟ لقد اختفوا من الساحة فجأة.
إن الثورة السورية حين جاءت إلى الوجود جاءت بمطالب مشروعة تكفلها كل الشرائع الوضعية والسماوية، ولم تَحِدْ تماما عن سياقها السلمي إلا بعد أن اصطدمت بتعنت النظام السوري وإصراره على إقبار أي حلم شعبي في غذ أفضل يعيش فيه الجميع تحت سقف واحد بعيدا عن التمييز والاضطهاد، بل وأجهض الحلم في مهده بأساليب وحشية بربرية حتى لا يصير واقعا ملموسا ينعم به السوريون بمختلف أطيافهم، فتحول الأمل إلى رماد تلاشى في الهواء وانتهى أمره إلى الأبد، ليحل محله صراع طويل الأمد تحاول كل جهة فيه ركوب موجة الثورة السورية لتصفية حساباتها وتحقيق أهدافها.
 فكان نتيجة لهذه الوضعية أن ظهرت على الساحة السياسية مخلوقات غريبة تتقمص دور المدافع المغوار والراعي الرسمي للثورة السورية، هذه الكائنات منهم من لم يطأ بقدمه أرض سوريا من قبل، بل منهم من لا يعرف عنها سوى القدر اليسير ولم يذق ولو قليلا مما يذوقه السوريون يوميا مع الحرب الدائرة هناك منذ 6 سنوات، وتراهم يطلون من خارج سوريا بين الفينة والأخرى من فنادق خمس نجوم ببدلات راقية وأحذية فاخرة وساعات يدوية من الطراز الرفيع وعطورات من أشهر المحلات العالمية، يجتمعون حول مصير الثورة السورية ويفاوضون نيابة عن الشعب السوري الموجوع نظام الأسد وحلفائه، أهناك أضحوكة اكبر من هذه؟
كل من تتبع الثورة السورية من بداياتها وفي مختلف أطوارها ومنعرجاتها يعلم علم اليقين أن الثوار الحقيقيين من خرجوا سلميا إلى شوارع دمشق وحلب ومختلف المدن السورية أطفالا ورجالا ونساء مطالبين بإحقاق الحق وتوسيع مجال الحريات وترسيخ مبادئ الديمقراطية كغيرهم من شعوب الأرض قد مسحوا من الوجود تماما ولم يبق لهم أثر، وأن من يظهرون اليوم بأقنعة مزيفة وأسماء مستعارة وخلفيات مجهولة ليسوا سوى تجار مصالح تقودهم أطماعهم السياسية والاقتصادية إلى اعتبار سوريا الوجهة المفضلة لهم والصفقة المربحة بكل المقاييس، فأغلبهم رجال أعمال مرموقين وشخصيات نافذة في دنيا المال والأعمال مكنهم نفوذهم من لعب دور المنتدبين عن الشعب السوري رغما عن أنفه، تجدهم يتناوبون بشكل سريع على اعتلاء المناصب ومتناقضين في قراراتهم ومواقفهم إلى حد بعيد، لا يجيدون لعبة السياسة ولا يترددون أبدا في تقديم تنازلات قاسية للنظام السوري وحلفاءه بحسب ما تفرضه عليهم المصلحة الشخصية والوعود الغربية والأمريكية، دون إظهار أية مواقف ثابتة نابعة من شعور بالغيرة أو على الأقل الخوف على مستقبل سوريا والسوريين في المنطقة.  
في حين أن الشعب السوري وبشهادة التقارير الدولية والخبراء العسكريين أصحاب الدراية في الميدان من أكثر الشعوب اضطهادا على وجه البسيطة في هذا الزمان، بل ويتعرض لمجازر وعمليات إبادة جماعية لم يشهد التاريخ مثلها إلا نادرا، وكانت منظمة العفو الدولية مؤخرا قد وثقت حوالي 18 ألف حالة وفاة في السجون السورية نتيجة التعذيب وسوء المعاملة، ناهيك عن حملات التهجير القسري المنظم ومحو الهويات وطمس الأقليات فحدث ولا حرج، هذا الشعب الذي يئن تحت رحمة البراميل المتفجرة وتعيث فيه المليشيات قتلا و تشريدا ينتدب مثل هؤلاء للدفاع عنه في المحافل الدولية المتآمرة؟ من يصدق هذه التُرَّهَة؟.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قائمة المدونات الإلكترونية