الأربعاء، 7 مارس 2018

بين الطالب العربي والطالب الغربي قصور فكر أم اختلاف ظروف



بقلم الأستاذ الكاتب عباس أعومري. الجزء الأول
كاتب في الفكر الإسلامي.
يعتبر الحديث عن الفرق بين الطالب العربي والطالب الغربي من المواضيع الدسمة التي تلقى رواجا كبيرا بالحديث والنقاش بين الشلل الجامعية بوطننا العربي والإسلامي، فهو من بين المواضيع الأكثر تطرقا إليه، لكن كل على طريقته، فهذا مستهتر بمكامن القوة المعرفية للطالب العربي، وذاك غير مهتم سوى بإنهاء المرحلة الجامعية والحصول على شهادة لا تسمن ولا تغني من جوع، ضاربا بعرض الحائط أهمية القوة المعرفية في عصرنا اليوم، شاغلا نفسه كل الشغل بأن يحصل على عمل ويبني بيته هذا إذا بناه فيتزوج ويموت بعدها، وثالث وهو الطالب الذي طالما سميته ب"الطالب المسلم الكوني" الذي يتم اقتناصه مباشرة بعد اكماله لمرحلته الجامعية لكن لماذا يا ترى؟
والجواب سهل وبسيطة لأنه كان مختلف عن بقية أفراد الشلة، دينه الكتاب والقلم فهو صاحب شعار "من المحبرة إلى المقبرة" لا يعرف الكسل إليه طريقا، يقرأ في شتى صنوف العلوم فهو جوال بين هندسة وأدب وفلسفة وعلم اجتماع، حكيم صاحب مهارات عالية يتقن الفنون المختلفة في التعامل مع مجريات الأحداث المحيطة به لذلك فلا غرابة من أن تتهافت عليه كبرى الشركات للظفر بخدماته فإذا لم يتم الولع بهذا الإنسان والتهافت عليه فعلى من يتم البحث... !!!،
ليتحول هذا الشاب الظاهرة من الطالب الباحث عن العمل إلى الطالب الشاب المبحوث عنه ... !!!.
إنّ الاختلاف بيننا وبين الأوروبيين ليس مردُّه إلى الاختلاف في الطباع أو في الاستعداد الفطري، فمثلا الطالب العربي عندما يدرس في جامعات أوروبا لا يقل عن زميله الأوروبي فطانة واجتهادا ونجاحا، إلا أنّ هذا الطالب الأوروبي ينصرف بعد ذلك للعمل في وسط يساعده على تنمية ثقافته وتحويلها إلى ميدان الانجاز، ويشجعه في ذلك الجو الاجتماعي بداية من الأسرة فالمحيط الاجتماعي عامة، فتثمر تلك الأفكار وتزدهر وهو حال ما نراه في كثير من الدول الغربية خاصة اليابان التي تخرج سنويا طلبة في قمة الإبداع والتميز باختراعاتهم التي كانت مجرد حبر على ورق أيام الجامعة.
أمّا الطالب العربي فيعود بثقافته تلك إلى أرض غريبة عنها، فيحاول غرسها ولكن سرعان ما تنكمش ويعتريها الذبول، وحتى وإن لم ينجح في ذلك فإنّها لا تجد في التربية الاجتماعية ما يساعدها على النمو فلا يلقى لا الدعم العائلي ولا الدعم من طرف الدولة، فتبقى تلك الأفكار الجميلة موضع الكراس الذي طالما خط فيه ذاك الطالب النجيب مشاريعه، فيفتحها يوميا ليتأملها مخاطبا إياها: أما آن لك يا مشاريعي أن تبزغ شمسك وترى النور على أرض الواقع؟ فتظل تلك الأحلام شجرة قزمة تعيش بين الحياة والموت مترنحة بين تلك الظروف المادية القاسية تارة وبين الحالة النفسية المزرية.
 ولربما تحولت إلى فكرة تدميرية تأكل الأخضر واليابس لتخرج كالحمم البركانية تلقي بنيرانها في كل حدب وصوب، وتنشر التطرف والتكفير وشتى صنوف الغلو، وهو ما استغلته الجماعات الإرهابية في لحظة ضعف فاقتنصت شبابنا من بين أيدينا نحو جحيم التطرف فزاد ذلك من الانحراف الفكري كما قال بذلك أحد المفكرين "لا يلتزم بالقواعد الدينية والتقاليد والأعراف.. والنظم الاجتماعية". ما انتج بدوره تخلفا فكريا وجهلا عقديا ساعده على النمو أكثر ذاك المناخ المتطرف والظروف الاقتصادية القاهرة التي تلقي بظلالها هي الأخرى على كل مبدع انجر نحو هذا السيل الجارف، فالتخلف الفكري كما يقول المفكر الإسلامي عبد الكريم بكار هو: "وضعية عامة تصيب الأمة نتيجة القصور المستمر لقرون طويلة في أعمال العقل وطرق بحثه عن الحقيقة".
فأي واقع ينتظره مستقبل أنظمتنا التربوية وخريجو جامعاتنا في ظل هذا الوضع المتأزم؟

يتبع...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قائمة المدونات الإلكترونية